في اليمن ، الموت من الأعلي والحزن بالأسفل Logo12
أهلا بكم في المعرفة للدراسات الاستراتيجية والامنية والسياسية







أهلا وسهلا بك إلى المعرفة
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة القوانين، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.

المعرفه للدراسات الامنيه والاستراتيجية والسياسية

منتدي استراتيجي امني سياسي
 


المعرفه للدراسات الامنيه والاستراتيجية والسياسية :: القسم الاستراتيجي :: قسم الخليج وايران

شاطر

في اليمن ، الموت من الأعلي والحزن بالأسفل I_icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 16, 2015 10:11 pm
المشاركة رقم:
لواء مشرف
لواء مشرف

محمد بو عبيد

إحصائيةالعضو

عدد المساهمات : 1192
تاريخ التسجيل : 11/01/2015
الدوله : الامارات العربية المتحدة
العمل : اعلامي
مُساهمةموضوع: في اليمن ، الموت من الأعلي والحزن بالأسفل


في اليمن ، الموت من الأعلي والحزن بالأسفل


بسم الله

مقال رأي من النيويورك تايمز ..


كانت لويز أختي في القانون ، لقد كانت شخصا جيدا ، واحدة من أرحم من عرفتهم من أي وقت مضي.

في حوالي السادسة صباح يوم السبت ، أصاب صاروخا منزلها هنا في صنعاء ، هنا شرق القصر الرئاسي في منطقة تسمي " الأصبحي " . هي وولدها ذو السبع سنوات " طه " قتلا علي الفور ، وبأعجوبة نجا أولادها الثلاثة الآخرين . واحد منهم أخبرني أنه وفي الوقت الذي أصاب الصاروخ فيه المنزل كانت لويز تصلي ، لقد كانت في الخامسة والأربعين من عمرها.

في اليمن ، الموت من الأعلي والحزن بالأسفل 16Kutabish-blog427

أصاب الصاروخ جانبا من منزلهم ودمر بشكل جزئي مبنيين أخرين . ليقتل أيضا صبيا في الثالثة من عمره والذي كان يعيش بالقرب . من شبه المؤكد أن الصاروخ أطلق من قبل التحالف الذي تقوده السعودية في الحرب الأهلية في تلك البلد.

كنت نائما في منزلي ، علي بعد حوالي ميلين في بيت معياد ، عندما طرق أبني جميل علي باب غرفة النوم ، طلبت منه الدخول وتركت زوجتي الغرفة للذهاب لدورة المياة ، أخبرني أبني أن عمه قد أتصل به ليقول أن منزل لويز قد تم قصفه . فقمت بتبديل ملابسي ، لم أكلف نفسي عناء الاغتسال وغادرت منزلي ، لم أكن أريد مواجهة زوجتي بالأخبار السيئة عن أختها.

ركبت السيارة مع أبنائي جميل ( 32 عاما ) ، ورضوان ( 25 عاما ) ، وصديق رضوان وأسمه محمد ، كانت قيادتي للسيارة سريعا ، وكانت الشوارع فارغة تقريبا ، عندما وصلنا شاهدنا الدمار.

كانت نوافذ العديد من منازل الجيران في الحي قد تحطمت وبعضها تهدمت أبوابها وجدرانها . كان منزل لويز ومنزلين آخرين بالقرب منه قد أصابهم الدمار بشدة . السيارة التي كانت علي بعد بضعة ياردات دمرت ايضا.

كان الصاروخ قد أخترق جانب من منزل لويز ، تحطم العمود الداعم وكذلك كانت الجدران ، أما الاسقف فقد انهارت وكانت الغرف مليئة بحطام الخرسانة والاحجار والأثاث . كان هناك جزء من المنزل لايزال قائما . لكن كانت المسألة مسألة وقت فقط قبل أن انهار كل شئ.

دخلنا المنزل وتقابلنا مع ابن شقيق لويز فأخبرنا قائلا " عمتي وأبنها طه ماتا " ، تصورت أن الجثث تم نقلها إلي منزل هاشم مباشرة ، شقيق لويز والذي يعيش بالقرب من الموقع ، وعندما كنت أهم بالرحيل ، جاء رجل وأخبرني أن أحد أبنائي قد انهار في الفناء ، خرجت لأجد رضوان ملقي علي الأرض ، فاقدا للوعي ، قمنا برفعه واقتدناه خارج الفناء ، عندما كان أحد الاشخاص يرش وجهه ورأسه بالماء ، وبدأ يستعيد الوعي.

بعد وقت قصير ، زوجتي وبناتي الأثنتين ومعهم ابني وسيم والذي كان قد أتي في زيارتنا من المملكة العربية السعودية قد وصلوا بسيارة أجرة ، وقبل ان ينزلوا من السيارة ليدخلوا إلي المنزل كنت انا قد ركبت في المقعد الخلفي من نفس السيارة التي أحضرتهم وطلبت من السائق أن يتوجه إلي منزل هاشم ، سألت زوجتي عن شقيقتها وعن الاطفال ، أمسكت يديها وأخبرتها أن أختها وأبنها الصغير طه قد توفيا . بدأت هي والاطفال في البكاء بطريقة هيسترية . طلبت من السائق أن لا يتوقف.

وفي المنزل قابلنا زوجة هاشم ، والتي أخبرتنا أن الجثث ليست عندهم . وكانت زوجتي في هذه الاثناء تبكي وتطلب مني أن تري جثمان شقيقتها المتوفيه ، وعدتها بأن أعود بالجثث ، وبسرعة عدت مرة أخري إلي ما تبقي من منزل لويز.

في طريقي ، قمت بالاتصال بهاشم . والذي كان في المستشفي حيث كانوا قد أخذوا جثمان طه إلي هناك ، سألته أين جثمان لويز ؟ ، فبدأ في البكاء وبين التنهدات التي أطلقها فهمت أنه كان يقول لي أنها لا تزال تحت حطام المنزل بين السقف المنهار والأثاث المحطم وأنقاض الخرسانة والاحجار.

هناك حاجة إلي شخص ليتولي المسئولية في هذا الوضع ، أنا أكبرهم . قمت بالاتصال بأولادي ، وأصدقائهم وأولادهم وكذلك جيرانهم وأخبرتهم بأن علينا أن ننظم أنفسنا في عملية للبحث عن جثمان لويز ، وافقوا جميعا ، سألت الجميع بالقرب منا إما أن يتقدموا بالمساعدة أو يتركوا لنا القيام بهذه المهمة.

شكل حوالي 15 منا خطا وبدأنا إزالة قطع الحطام في وقت واحد ، كان كل شخص يقوم بتمرير أجزاء من الحطام الذي خلفه الصاروخ إلي الشخص الذي بجانبه . في 30 دقيقة قمنا بتنظيف الطريق والفناء ، قمنا بحفظ أي ورقة مكتوبه وجدناها ، وأي أثاث يمكننا أن نحافظ عليه ، ووضعناه في الغرفة التي لم تتحطم.

عملنا في المنزل للثلاث ساعات التالية . قمنا فيها بجمع أجزاء صغيرة من جسد لويز ، عظامها وشعرها ، كان كل ذلك مخلوطا بالدماء وسوائل الجسد . البعض أصيب بالمرض وتقيأ ، وجدنا ما تبقي من جسدها تحت أكوام الخرسانة والأثاث كنا نحدق بها ، وأحدي ساقيها كانت في عداد المفقودين ، كان نصف وجهها ورأسها قد اختفيا ، كان من الصعب التعرف علي ملامحها ، كنت أعرف وقتها أنني لن أوفي بوعدي لزوجتي ، لم أكن أريد السماح لها برؤية شقيقتها في تلك الحالة ، من الأفضل أن تظل تتذكر وجه لويز الجميلة كما كانت تعرفه.

بعد ذلك قمت بالاتصال بهاشم وأخبرته بأننا وجدنا جثمان لويز دون أن أعطيه تفاصيل وشعرت بالارتياح لأنه لم يطلب تفاصيل ، وقلت له أنني أود أن أنظم ترتيبات الدفن واستئجار قاعة للناس ليأتوا للتعازي ومشاركة حزننا ، أخذنا بقايا لويز إلي المسجد لأداء مراسم الجنازة منتظرا لهاشم والذي قام بجلب جثه الصغير طه ، وكان هناك حشد من الناس ، نحو 200 شخص كانوا معنا لتقديم العزاء ، شاركونا شعورا من الاذي والحزن والعجز . وحتي الآن أجد نفسي عالقا بين كرهي لنفسي كوني مواطنا في دولة فقيرة ، وكرهي للسعودية وحلفائها لكونهم دول ثرية.

في الأيام القليلة قبل القصف ، كنا قد زرنا لويز وتحدثت معها واستقبلتنا كالعادة بالحنان والحب ، تحدثنا عن الاحتفال القادم لزواج وسيم ، تحدثنا عن المستقبل ، المستقبل الذي أصبح الآن بعيدا.

يوم الاحد ، بعد الدفن ، ذهبنا إلي منزل لويز مع العمال لمواصله البحث ، وهناك وجدنا النصف المفقود من رأسها ، ذهبنا إلي مكان الدفن وحفرنا مرة أخري علي عمق ثلاثة اقدام ، ووضعناها جنبا إلي جنب مع بقية الرفات.

لقد كانت تلك المرة الأولي في حياتي التي أدفن فيها انسان واحد مرتين.

الكاتب هو المدير العام لمركز الوقاية من الحريق في صنعاء ، اليمن




الموضوعالأصلي : في اليمن ، الموت من الأعلي والحزن بالأسفل // المصدر : منتديات أحلى حكاية //الكاتب: محمد بو عبيد


توقيع : محمد بو عبيد








الــرد الســـريـع
..






في اليمن ، الموت من الأعلي والحزن بالأسفل Collapse_theadتعليمات المشاركة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة





Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2015, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.1
في اليمن ، الموت من الأعلي والحزن بالأسفل Cron
الساعة الأن :